Selasa, 25 September 2012

kitab fathul mu'in 3


(ونواقضه) أي أسباب نواقض الوضوء أربعة: أحدها: (تيقن خروج شئ) غير منيه، عينا كان أو ريحا، رطبا أو جافا، معتادا كبول أو نادرا كدم باسور أو غيره، انفصل أو لا - كدودة أخرجت رأسها ثم رجعت - (من أحد سبيلي) المتوضئ (الحي) دبرا كان أو قبلا. (ولو) كان الخارج (باسورا) نابتا داخل الدبر فخرج أو زاد خروجه. لكن أفتى العلامة الكمال الرداد بعدم النقض بخروج الباسور نفسه بل بالخارج منه كالدم. وعن مالك: لا ينتقض الوضوء بالنادر.
(و) ثانيها: (زوال عقل) أي تمييز، بسكر أو جنون أو إغماء أو نوم، للخبر الصحيح: فمن نام فليتوضأ. وخرج بزوال العقل النعاس وأوائل نشوة السكر، فلا نقض بهما، كما إذا شك هل نام أو نعس ؟ ومن علامة النعاس سماع كلام الحاضرين وإن لم يفهمه، (لا) زواله (بنوم) قاعد (ممكن مقعده) أي ألييه من مقره، وإن استند لما لو زال سقط أو احتبى، وليس بين مقعده ومقره تجاف.
وينتقض وضوء ممكن انتبه بعد زوال أليته عن مقره، لا وضوء شاك هل كان ممكنا أو لا ؟ أو هل زالت أليته قبل اليقظة أو بعدها ؟..وتيقن الرؤيا مع عدم تذكر نوم لا أثر له بخلافه مع الشك فيه لانها مرجحة لاحد طرفيه. (و) ثالثها: (مس فرج آدمي) أو محل قطعه، ولو لميت أو صغير، قبلا كان الفرج أو دبر ا متصلا أو مقطوعا، إلا ما قطع في الختان. والناقض من الدبر ملتقى المنفذ، ومن قبل المرأة ملتقى شفريها على المنفذ لا ما وراءهما كمحل ختانها. نعم، يندب الوضوء من مس نحو العانة، وباطن الالية، والانثيين، وشعر نبت فوق ذكر، وأصل فخذ، ولمس صغيرة وأمرد وأبرص ويهودي، ومن نحو فصد، ونظر بشهوة ولو إلى محرم، وتلفظ بمعصية، وغضب، وحمل ميت ومسه، وقص ظفر وشارب، وحلق رأسه. وخرج بآدمي فرج البهيمة إذ لا يشتهى، ومن ثم جاز النظر إليه. (ببطن كف) لقوله (ص): من مس فرجه، وفي رواية: من مس ذكرا فليتوضأ. وبطن الكف هو بطن الراحتين وبطن الاصابع والمنحرف إليهما عند انطباقهما، مع يسير تحامل دون رؤوس الاصابع وما بينها وحرف الكف. (و) رابعها: (تلاقي بشرتي ذكر وأنثى) ولو بلا شهوة، وإن كان أحدهما مكرها أو ميتا، لكن لا ينقض وضوء الميت.
والمراد بالبشرة هنا غير الشعر والسن والظفر - قاله شيخنا - وغير باطن العين، وذلك لقوله تعالى: * (أو لامستم النساء) * أي لمستم. ولو شك هل ما لمسه شعر أو بشرة، لم ينتقض، كما لو وقعت يده على بشرة لا يعلم أهي بشرة رجل أو امرأة، أو شك: هل لمس محرما أو أجنبية ؟ وقال شيخنا في شرح العباب: ولو أخبره عدل بلمسها له، أو بنحو خروج ريح منه في حال نومه ممكنا، وجب عليه الاخذ بقوله. (بكبر) فيهما، فلا نقض بتلاقيهما مع صغر فيهما، أو في أحدهما، لانتفاء مظنة الشهوة.
والمراد بذي الصغر: من لا يشتهى عرفا غالبا. (لا) تلاقي بشرتيهما) (مع محرمية) بينهما، بنسب أو رضاع أو مصاهرة، لانتفاء مظنة الشهوة. ولو اشتبهت محرمه بأجنبيات محصورات فلمس واحدة منهن لم ينتقض، وكذا بغير محصورات على الاوجه. (ولا يرتفع يقين وضوء أو حدث بظن ضده) ولا بالشك فيه المفهوم بالاولى فيأخذ باليقين استصحابا له.
(خاتمة) يحرم بالحدث: صلاة وطواف وسجود، وحمل مصحف، وما كتب لدرس قرآن ولو بعض آية كلوح. والعبرة في قصد الدراسة والتبرك بحالة الكتابة دون ما بعدها، وبالكاتب لنفسه أو لغيره تبرعا، وإلا فأمره لا حمله مع متاع، والمصحف غير مقصود بالحمل ومس ورقه، ولو لبياض أو نحو ظرف أعد له وهو فيه، لا قلب ورقه بعود إذا لم ينفصل عليه، ولا مع تفسير زاد ولو احتمالا. ولا يمنع صبي مميز - محدث ولو جنبا - حمل ومس نحو مصحف لحاجة تعلمه ودرسه ووسيلتهما، كحمله للمكتب والاتيان به للمعلم ليعلمه منه. ويحرم تمكين غير المميز من نحو مصحف، ولو بعض آية، وكتابته بالعجمية، ووضع نحو درهم في مكتوبه، وعلم شرعي. وكذا جعله بين أوراقه - خلافا لشيخنا - وتمزيقه عبثا، وبلع ما كتب عليه لا شرب محوه، ومد الرجل للمصحف ما لم يكن على مرتفع. ويسن القيام له كالعالم بل أولى، ويكره حرق ما كتب عليه إلا لغرض نحو صيانة، فغسله أولى منه. ويحرم بالجنابة المكث في المسجد وقراءة قرآن بقصده، ولو بعض آية، بحيث يسمع نفسه ولو صبيا - خلافا لما أفتى به النووي -. وبنحو حيض، لا بخروج طلق، صلاة وقراءة وصوم. ويجب قضاؤه لا الصلاة، بل يحرم قضاؤها على الاوجه. (و) الطهارة (الثانية: الغسل) هو لغة: سيلان الماء على الشئ. وشرعا: سيلانه على جميع البدن بالنية. ولا يجب فورا وإن عصى بسببه، بخلاف نجس عصى بسببه. والاشهر في كلام الفقهاء ضم غينه، لكن الفتح أفصح، وبضمها مشترك بين الفعل وماء الغسل.
(وموجبه) أربعة: أحدها: (خروج منيه أولا) ويعرف بأحد خواصه الثلاث: من تلذذ بخروجه، أو تدفق، أو ريح عجين رطبا وبياض بيض جافا. فإن فقدت هذه الخواص فلا غسل. نعم، لو شك في شئ أمني هو أو مذي ؟ تخير ولو بالتشهي. فإن شاء جعله منيا واغتسل، أو مذيا وغسله وتوضأ. ولو رأى منيا مجففا في نحو ثوبه لزمه الغسل وإعادة كل صلاة تيقنها بعده، ما لم يحتمل عادة كونه من غيره.
(و) ثانيها: (دخول حشفة) أو قدرها من فاقدها، ولو كانت من ذكر مقطوع أو من بهيمة أو ميت. (فرجا) قبلا أو دبرا، (ولو لبهيمة) كسمكة أو ميت، ولا يعاد غسله لانقطاع تكليفه.
(و) ثالثها: (حيض) أي انقطاعه، وهو دم يخرج من أقصى رحم المرأة في أوقات مخصوصة. (وأقل سنة تسع سنين قمرية) أي استكمالها. نعم، إن رأته قبل تمامها بدون ستة عشر يوما فهو حيض، وأقله يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوما، كأقل طهر بين الحيضتين. ويحرم به ما يحرم بالجنابة، ومباشرة ما بين سرتها وركبتها. وقيل: لا يحرم غير الوطئ. واختاره النووي في التحقيق، لخبر مسلم: اصنعوا كل شئ إلا النكاح. وإذا انقطع دمها حل لها قبل الغسل صوم لا وطئ، خلافا لما بحثه العلامة الجلال السيوطي رحمه الله. (و) رابعها: (نفاس) أي انقطاعه، وهو دم حيض مجتمع يخرج بعد فراغ جميع الرحم، وأقله لحظة، وغالبه أربعون يوما، وأكثره ستون يوما. ويحرم به ما يحرم بالحبض، ويجب الغسل أيضا بولادة ولو بلا بلل، وإلقاء علقة ومضغة، وبموت مسلم غير شهيد.
(وفرضه) - أي الغسل - شيئان: أحدهما: (نية رفع الجنابة) للجنب، أو الحيض للحائض. أي رفع حكمه. (أو) نية (أداء فرض الغسل) أو رفع حدث، أو الطهارة عنه، أو أداء الغسل. وكذا الغسل للصلاة لا الغسل فقط. ويجب أن تكون النية (مقرونة بأوله) - أي الغسل - يعني بأول مغسول من البدن، ولو من أسفله.
فلو نوى بعد غسل جزء وجب إعادة غسله. ولو نوى رفع الجنابة وغسل بعض البدن ثم نام فاستيقظ وأراد غسل الباقي لم يحتج إلى إعادة النية.
(و) ثانيهما: (تعميم) ظاهر (بدن حتى) الاظفار وما تحتها، و (الشعر) ظاهرا وباطنا وإن كثف، وما ظهر من نحو منبت شعرة زالت قبل غسلها، وصماخ وفرج امرأة عند جلوسها على قدميها، وشقوق (وباطن جدري) انفتح رأسه لا باطن قرحة برئت وارتفع قشرها ولم يظهر شئ مما تحته.
ويحرم فتق الملتحم (وما تحت قلفة) من الاقلف فيجب غسل باطنها لانها مستحقة الازالة، لا باطن شعر انعقد بنفسه وإن كثر، ولا يجب مضمضة واستنشاق بل يكره تركهما. (بماء طهور) ومر أنه يضر تغير الماء تغيرا ضارا ولو بما على العضو، خلافا لجمع. (ويكفي ظن عمومه) - أي الماء - على البشرة والشعر وإن لم يتيقنه، فلا يجب تيقن عمومه بل يكفي غلبة الظن به فيه كالوضوء. (وسن) للغسل الواجب والمندوب (تسمية) أوله، (وإزالة قذر طاهر) كمني ومخاط، ونجس كمذي، وإن كفى لهما غسلة واحدة، وأن يبول من أنزل قبل أن يغتسل ليخرج ما بقي بمجراه. (ف) - بعد إزالة القذر (مضمضة واستنشاق ثم وضوء) كاملا - للاتباع -، رواه الشيخان.
ويسن له استصحابه إلى الفراغ، حتى لو أحدث، سن له إعادته. وزعم المحاملي اختصاصه بالغسل الواجب ضعيف، والافضل عدم تأخير غسل قدميه عن الغسل، كما صرح به في الروضة، وإن ثبت تأخيرهما في البخاري. ولو توضأ أثناء الغسل أو بعده حصل له أصل السنة، لكن الافضل تقديمه، ويكره تركه. وينوي به سنة الغسل إن تجردت جنابته عن الاصغر، وإلا نوى به رفع الحدث الاصغر أو نحوه، خروجا من خلاف موجبه القائل بعدم الاندراج. ولو أحدث بعد ارتفاع جنابة أعضاء الوضوء لزمه الوضوء مرتبا بالنية. (فتعهد معاطف) كالاذن والابط والسرة والموق ومحل شق، وتعهد أصول شعر، ثم غسل رأس بالافاضة بعد تخليله إن كان عليه شعر، ولا تيامن فيه لغير أقطع. ثم غسل شق أيمن ثم أيسر، ودلك لما تصله يده من بدنه، خروجا من خلاف من أوجبه. (وتثليث) لغسل جميع البدن، والدلك والتسمية والذكر عقبه، ويحصل في راكد بتحرك جميع البدن ثلاثا، وإن لم ينقل قدميه إلى موضع آخر، على الاوجه (واستقبال) للقبلة وموالاة، وترك تكلم بلا حاجة، وتنشيف بلا عذر. وتسن الشهادتان المتقدمتان في الوضوء مع ما معهما عقب الغسل، وأن لا يغتسل لجنابة أو غيرها، كالوضوء في ماء راكد لم يستبحر كنابع من عين غير جار.
(فرع) لو اغتسل لجنابة ونحو جمعة بنيتهما حصلا، وإن كان الافضل إفراد كل بغسل، أو لاحدهما حصل فقط.
(ولو أحدث ثم أجنب كفى غسل واحد) وإن لم ينو معه الوضوء ولا رتب أعضاءه
(فرع) يسن لجنب وحائض ونفساء بعد انقطاع دمهما غسل فرج ووضوء لنوم وأكل وشرب، ويكره فعل شئ من ذلك بلا وضوء.
وينبغي أن لا يزيلوا قبل الغسل شعرا أو ظفرا، وكذا دما، لان ذلك يرد في الآخرة جنبا. (وجاز تكشف له) أي للغسل، (في خلوة) أو بحضرة من يجوز نظره إلى عورته كزوجة وأمة، والستر أفضل. وحرم إن كان ثم من يحرم نظره إليها، كما حرم في الخلوة بلا حاجة وحل فيها لادنى غرض، كما يأتي. (وثانيها) أي ثاني شروط الصلاة. (طهارة بدن) ومنه داخل الفم والانف والعين. (وملبوس) وغيره من كل محمول له، وإن لم يتحرك بحركته. (ومكان) يصلى فيه (عن نجس) غير معفو عنه، فلا تصح الصلاة معه، ولو ناسيا أو جاهلا بوجوده، أو بكونه مبطلا، لقوله تعالى: * (وثيابك فطهر) * ولخبر الشيخين. ولا يضر محاذاة نجس لبدنه، لكن تكره مع محاذاته، كاستقبال نجس أو متنجس. والسقف كذلك إن قرب منه بحيث يعد محاذيا له عرفا. (ولا يجب اجتناب النجس) في غير الصلاة، ومحله في غير التضمخ به في بدن أو ثوب، فهو حرام بلا حاجة، وهو شرعا مستقذر، يمنع صحة الصلاة حيث لا مرخص، فهو (كروث وبول ولو) كانا من طائر وسمك وجراد وما لا نفس له سائلة، أو (من مأكول) لحمه على الاصح.
قال الاصطخري والروياني من أئمتنا، كمالك وأحمد: إنهما طاهران من المأكول. ولو راثت أو قاءت بهيمة حيا، فإن كان صلبا بحيث لو زرع نبت، فمتنجس يغسل ويؤكل، وإلا فنجس. ولم يبينوا حكم غير الحب. قال شيخنا: والذي يظهر أنه إن تغير عن حاله قبل البلع ولو يسيرا فنجس، وإلا فمتنجس. وفي المجموع عن شيخ نصر: العفو عن بول بقر الدياسة على الحب. وعن الجويني: تشديد النكير على البحث عنه وتطهيره. وبحث الفزاري العفو عن بعر الفأرة إذا وقع في مائع وعمت البلوى به. وأما ما يوجد على ورق بعض الشجر كالرغوة فنجس، لانه يخرج من باطن بعض الديدان، كما شوهد ذلك وليس العنبر روثا، خلافا لمن زعمه، بل هو نبات في البحر. (ومذي) بمعجمة، للامر بغسل الذكر منه، وهو ماء أبيض أو أصفر رقيق، يخرج غالبا عند ثوران الشهوة بغير شهوة قوية. (وودي) بمهملة، وهو ماء أبيض كدر ثخين، يخرج غالبا عقب البول أو عند حمل شئ ثقيل. (ودم) حتى ما بقي على نحو عظم، لكنه معفو عنه.  واستثنوا منه الكبد والطحال والمسك، أي ولو من ميت، إن انعقد. والعلقة والمضغة، ولبنا خرج بلون دم، ودم بيضة لم تفسد. (وقيح) لانه دم مستحيل، وصديد: وهو ماء رقيق يخالطه دم، وكذا ماء جرح. وجدري ونفط إن تغير، وإلا فماؤها طاهر (وقئ معدة) وإن لم يتغير، وهو الراجع بعد الوصول للمعدة ولو ماء، أما الراجع قبل الوصول إليها يقينا أو احتمالا فلا يكون نجسا ولا متنجسا، خلافا للقفال.
وأفتى شيخنا أن الصبي إذا ابتلي بتتابع القئ عفي عن ثدي أمه الداخل في فيه، لا عن مقبله أو مماسه، وكمرة ولبن غير مأكول إلا الآدمي، وجرة نحو بعير.
أما المني فطاهر، خلافا لمالك. وكذا بلغم غير معدة من رأس أو صدر وماء سائل من فم نائم، ولو نتنا أو أصفر، ما لم يتحقق أنه من معدة، إلا ممن ابتلي به فيعفى عنه وإن كثر. ورطوبة فرج، أي قبل على الاصح. وهي ماء أبيض متردد بين المذي والعرق، يخرج من باطن الفرج الذي لا يجب غسله، بخلاف ما يخرج مما يجب غسله فإنه طاهر قطعا، وما يخرج من وراء باطن الفرج فإنه نجس قطعا، ككل خارج من الباطن، وكالماء الخارج مع الولد أو قبله، ولا فرق بين انفصالها وعدمه على المعتمد. قال بعضهم: الفرق بين الرطوبة الطاهرة والنجسة الاتصال والانفصال. فلو انفصلت، ففي الكفاية عن الامام أنها نجسة، ولا يجب غسل ذكر المجامع والبيض والولد. وأفتى شيخنا بالعفو عن رطوبة الباسور لمبتلى بها، وكذا بيض غير مأكول، ويحل أكله على الاصح. وشعر مأكول وريشه إذا أبين في حياته. ولو شك في شعر أو نحوه، أهو من مأكول أو غيره ؟ أو هل انفصل من حي أو ميت ؟ فهو طاهر، وقياسه أن العظم كذلك. وبه صرح في الجواهر. وبيض الميتة إن تصلب طاهر وإلا فنجس. وسؤر كل حيوان طاهر طاهر، فلو تنجس فمه ثم ولغ في ماء قليل أو مائع، فإن كان بعد غيبة يمكن فيها طهارته بولوغه في ماء كثير أو جار لم ينجسه ولو هرا وإلا نجسه.
قال شيخنا - كالسيوطي، تبعا لبعض المتأخرين - إنه يعفى عن يسير عرفا، من شعر نجس من غير مغلظ، ومن دخان نجاسة، وما على رجل ذباب، وإن رؤي، وما على منفذ غير آدمي مما خرج منه، وذرق طير وما على فمه، وروث ما نشؤه من الماء أو بين أوراق شجر النارجيل التي تستر بها
البيوت عن المفطر حيث يعسر صون الماء عنه.
قال جمع: وكذا ما تلقيه الفئران من الروث في حياض الا خلية إذا عم الابتلاء به، ويؤيده بحث الفزاري، وشرط ذلك كله إذا كان في الماء أن لا يغير. انتهى. والزباد طاهر، ويعفى عن قليل شعره كالثلاث. كذا أطلقوه ولم يبينوا أن المراد القليل في المأخوذ للاستعمال أو في الاناء المأخوذ منه.
قال شيخنا: والذي يتجه الاول إن كان جامدا، لان العبرة فيه بمحل النجاسة فقط، فإن كثرت في محل واحد لم يعف عنه، وإلا عفي، بخلاف المائع فإن جميعه كالشئ الواحد. فإن قل الشعر فيه عفي عنه وإلا فلا، ولا نظر للمأخوذ حينئذ. ونقل المحب الطبري عن ابن الصباغ واعتمده، أنه يعفى عن جرة البعير ونحوه فلا ينجس ما شرب منه، وألحق به فم ما يجتر من ولد البقرة والضأن إذا التقم أخلاف أمه. وقال ابن الصلاح: يعفى عما اتصل به شئ من أفواه الصبيان مع تحقق نجاستها، وألحق غيره بهم أفواه المجانين. وجزم به الزركشي. (وكميتة) ولو نحو ذباب مما لا نفس له سائلة، خلافا للقفال ومن تبعه في قوله بطهارته لعدم الدم المتعفن، كمالك وأبي حنيفة. فالميتة نجسة وإن لم يسل دمها، وكذا شعرها وعظمها وقرنها، خلافا لابي حنيفة، إذا لم يكن عليها دسم. وأفتى الحافظ ابن حجر العسقلاني بصحة الصلاة إذا حمل المصلي ميتة ذباب إن كان في محل يشق الاحتراز عنه. (غير بشر وسمك وجراد) لحل تناول الاخيرين. وأما الآدمي فلقوله تعالى: * (ولقد كرمنا بني آدم) * وقضية التكريم أن لا يحكم بنجاستهم بالموت. وغير صيد لم تدرك ذكاته، وجنين مذكاة مات بذكاتها. ويحل أكل دود مأكول معه، ولا يجب غسل نحو الفم منه. ونقل في الجواهر عن الاصحاب: لا يجوز أكل سمك ملح ولم ينزع ما في جوفه، أي من المستقذرات. وظاهره: لا فرق بين كبيره وصغيره. لكن ذكر الشيخان جواز أكل الصغير مع ما في جوفه لعسر تنقية ما فيه. (وكمسكر) أي صالح للاسكار، فدخلت القطرة من المسكر. (مائع) كخمر، وهي المتخذة من العنب، ونبيذ، وهو المتخذ من غيره. وخرج بالمائع نحو البنج والحشيش. وتطهر خمر تخللت بنفسها من غير مصاحبة عين أجنبية لها وإن لم تؤثر في التخليل كحصاة. ويتبعها في الطهارة الدن، وإن تشرب منها أو غلت فيه وارتفعت بسبب الغليان ثم نزلت، أما إذا ارتفعت بلا غليان بل بفعل فاعل فلا تطهر، وإن غمر المرتفع قبل جفافه أو بعده بخمر أخرى - على الاوجه. كما جزم به شيخنا. والذي اعتمده شيخنا المحقق عبد الرحمن بن زياد أنها تطهر إن غمر المرتفع قبل الجفاف لا بعده. ثم قال: لو صب خمر في إناء ثم أخرجت منه، وصب فيه خمر أخرى بعد جفاف الاناء وقبل غسله لم تطهر، وإن تخللت بعد نقلها منه في إناء آخر. انتهى. والدليل على كون الخمر خلا. الحموضة في طعمها، وإن لم توجد نهاية الحموضة، وإن قذفت بالزبد. ويطهر جلد نجس بالموت باندباغ نقاه بحيث لا يعود إليه نتن ولا فساد لو نقع في الماء. (وككلب وخنزير) وفرع كل منهما مع الآخر أو مع غيره، ودود ميتتهما طاهر، وكذا نسج عنكبوت على المشهور. كما قاله السبكي والاذرعي، وجزم صاحب العدة والحاوي بنجاسته. وما يخرج من جلد نحو حية في حياتها كالعرق، على ما أفتى به بعضهم. لكن قال شيخنا: فيه نظر، بل الاقرب أنه نجس لانه جزء متجسد منفصل من حي، فهو كميتته. وقال أيضا: لو نزا كلب أو خنزير على آدمية فولدت آدميا كان الولد نجسا، ومع ذلك هو مكلف بالصلاة وغيرها. وظاهر أنه يعفى عما يضطر إلى ملامسته، وأنه تجوز إمامته إذ لا إعادة عليه، ودخوله المسجد حيث لا رطوبة للجماعة ونحوها. ويطهر متنجس بعينية بغسل مزيل لصفاتها، من طعم ولون وريح. ولا يضر بقاء لون أو ريح عسر زواله ولو من مغلظ، فإن بقيا معا لم يطهر. ومتنجس بحكمية كبول جف لم يدرك له صفة بجري الماء عليه مرة، وإن كان حبا أو لحما طبخ بنجس، أو ثوبا صبغ بنجس، فيطهر باطنها بصب الماء على ظاهرها، كسيف سقي وهو محمى بنجس. ويشترط في طهر المحل ورود الماء القليل على المحل المتنجس، فإن ورد متنجس على ماء قليل لا كثير تنجس، وإن لم يتغير فلا يطهر غيره. وفارق الوارد غيره بقوته لكونه عاملا، فلو تنجس فمه كفى أخذ الماء بيده إليه وإن لم يعلها عليه - كما قال شيخنا - ويجب غسل كل ما في حد الظاهر منه ولو بالادارة، كصب ماء في إناء متنجس وإدارته بجوانبه. ولا يجوز له ابتلاع شئ قبل تطهير فمه، حتى بالغرغرة.
(فرع) لو أصاب الارض نحو بول وجف، فصب على موضعه ماء فغمره، طهر، ولو لم ينضب - أي يغور - سواء كانت الارض صلبة أم رخوة. وإذا كانت الارض لم تتشرب ما تنجست به فلا بد من إزالة العين قبل صب الماء القليل عليها، كما لو كانت في إناء. ولو كانت النجاسة جامدة فتفتتت واختلطت بالتراب لم يطهر، كالمختلط بنحو صديد، بإفاضة الماء عليه. بل لا بد من إزالة جميع التراب المختلط بها.
وأفتى بعضهم في مصحف تنجس بغير معفو عنه بوجوب غسله وإن أدى إلى تلفه، وإن كان ليتيم. قال شيخنا: ويتعين فرضه فيما إذا مست النجاسة شيئا من القرآن، بخلاف ما إذا كانت في نحو الجلد أو الحواشي.
(فرع) غسالة المتنجس - ولو معفوا عنه كدم قليل - إن انفصلت وقد زالت العين وصفاتها، ولم تتغير ولم يزد وزنها - بعد اعتبار ما يأخذه الثوب من الماء والماء من الوسخ - وقد طهر المحل: طاهرة. قال شيخنا: ويظهر الاكتفاء فيهما بالظن.
(فرع) إذا وقع في طعام جامد كسمن فأرة مثلا فماتت، ألقيت وما حولها مما ماسها فقط، والباقي طاهر. والجامد هو الذي إذا غرف منه لا يتراد على قرب.
(فرع) إذا تنجس ماء البئر القليل بملاقاة نجس لم يطهر بالنزح، بل ينبغي أن لا ينزح ليكثر الماء بنبع أو صب ماء فيه، أو الكثير بتغير به لم يطهر إلا بزواله. فإن بقيت فيه نجاسة كشعر فأرة ولم يتغير فطهور تعذر استعماله إذ لا يخلو منه دلو فلينزح كله. فإن اغترف قبل النزح ولم يتيقن فيما اغترفه شعرا لم يضر وإن ظنه، عملا بتقديم الاصل على الظاهر. ولا يطهر متنجس بنحو كلب إلا بسبع غسلات بعد زوال العين ولو بمرات، فمزيلها مرة واحدة، إحداهن بتراب تيمم ممزوج بالماء، بأن يكدر الماء حتى يظهر أثره فيه ويصل بواسطته إلى جميع أجزاء المحل المتنجس. ويكفي في الراكد تحريكه سبعا. قال شيخنا: يظهر أن الذهاب مرة والعود أ خرى. وفي الجاري مرور سبع جريات، ولا تتريب في أرض ترابية. (فرع) لو مس كلبا داخل ماء كثير لم تنجس يده، ولو رفع كلب رأسه من ماء وفمه مترطب، ولم يعلم مماسته له، لم ينجس. قال مالك وداود: الكلب طاهر ولا ينجس الماء القليل بولوغه، وإنما يجب غسل الاناء بولوغه تعبدا. (ويعفى عن دم نحو برغوث) مما لا نفس له سائلة كبعوض وقمل، لا عن جلده. (و) دم نحو (دمل) كبثرة وجرح، وعن قيحه وصديده، (وإن كثر) الدم فيهما وانتشر بعرق، أو فحش الاول بحيث طبق الثوب - على النقول المعتمدة - (بغير فعله) فإن كثر بفعله قصدا، كأن قتل نحو برغوث في ثوبه، أو عصر نحو دمل أو حمل ثوبا فيه دم براغيث مثلا، وصلى فيه أو فرشه وصلى عليه، أو زاد على ملبوسه لا لغرض كتجمل، فلا يعفى إلا عن القليل على الاصح - كما في التحقيق والمجموع - وإن اقتضى كلام الروضة العفو عن كثير دم نحو الدمل وإن عصر. واعتمده ابن النقيب والاذرعي. ومحل العفو - هنا وفيما يأتي - بالنسبة للصلاة لا لنحو ماء قليل، فينجس به وإن قل، ولا أثر لملاقاة البدن له رطبا، ولا يكلف تنشيف البدن لعسره. (و) عن (قليل) نحو دم (غيره) - أي أجنبي - غير مغلظ، بخلاف كثيره. ومنه كما قال الاذرعي: دم انفصل من بدنه ثم أصابه. (و) عن قليل (نحو دم حيض ورعاف) كما في المجموع. ويقاس بهما دم سائر المنافذ، إلا الخارج من معدن النجاسة كمحل الغائط. والمرجع في القلة والكثرة العرف، وما شك في كثرته له حكم القليل. ولو تفرق النجس في محال - ولو جمع كثر - كان له حكم القليل عند الامام، والكثير عند المتولي والغزالي وغيرهما، ورجحه بعضهم. ويعفى عن دم نحو فصد وحجم بمحلهما وإن كثر. وتصح صلاة من أدمى لثته قبل غسل الفم، إذا لم يبتلع ريقه فيها، لان دم اللثة معفو عنه بالنسبة إلى الريق. ولو رعف قبل الصلاة ودام فإن رجا انقطاعه والوقت متسع انتظره، وإلا تحفظ - كالسلس - خلافا لمن زعم انتظاره، وإن خرج الوقت. كما تؤخر لغسل ثوبه المتنجس وإن خرج. ويفرق بقدرة هذا على إزالة النجس من أصله فلزمته، بخلافه في مسألتنا. وعن قليل طين محل مرور متيقن نجاسته ولو بمغلظ، للمشقة، ما لم تبق عينها متميزة. ويختلف ذلك بالوقت ومحله من الثوب والبدن. وإذا تعين عين النجاسة في الطريق، ولو مواطئ كلب، فلا يعفى عنها، (وإن عمت الطريق على الاوجه). (وأفتى شيخنا) في طريق لا طين بها بل فيها قذر الادمي وروث الكلاب والبهائم وقد أصابها المطر، بالعفو عند مشقة الاحتراز.
(قاعدة مهمة): وهي أن ما أصله الطهارة وغلب على الظن تنجسه لغلبة النجاسة في مثله، فيه قولان معروفان بقولي الاصل. والظاهر أو الغالب أرجحهما أنه طاهر، عملا بالاصل المتيقن، لانه أضبط من الغالب المختلف بالاحوال والازمان، (وذلك كثياب خمار وحائض وصبيان)، وأواني متدينين بالنجاسة، وورق يغلب نثره على نجس، ولعاب صبي، وجوخ اشتهر عمله بشحم الخنزير، وجبن شامي اشتهر عمله بإنفحة الخنزير. وقد جاءه (ص) جبنة من عندهم فأكل منها ولم يسأل عن ذلك. ذكره شيخنا في شرح المنهاج. (و) يعفى عن (محل استجماره و) عن (ونيم ذباب) وبول (وروث خفاش) في المكان، وكذا الثوب والبدن، وإن كثرت، لعسر الاحتراز عنها. ويعفى عما جف من ذرق سائر الطيور في المكان إذا عمت البلوى به. وقضية كلام المجموع العفو عنه في الثوب والبدن أيضا، ولا يعفى عن بعر الفأر - ولو يابسا - على الاوجه. لكن أفتى شيخنا ابن زياد - كبعض المتأخرين - بالعفو عنه إذا عمت البلوى به، كعمومها في ذرق الطيور. ولا تصح صلاة من  حمل مستجمرا أو حيوانا بمنفذه نجس، أو مذكى غسل مذبحه دون جوفه، أو ميتا طاهرا كآدمي وسمك يغسل باطنه، أو بيضة مذرة في باطنها دم. ولا صلاة قابض طرف متصل بنجس وإن لم يتحرك بحركته.
فرع: لو رأى من يريد صلاة وبثوبه نجس غير معفو عنه لزمه إعلامه. وكذا يلزم تعليم من رآه يخل بواجب عبادة في رأي مقلده.
تتمة: يجب الاستنجاء من كل خارج ملوث بماء. ويكفي فيه غلبة ظن زوال النجاسة، ولا يسن حينئذ شم يده، وينبغي الاسترخاء لئلا يبقى أثرها في تضاعيف شرج المقعدة، أو بثلاث مسحات تعم المحل في كل مرة، مع تنقية بجامد قالع. ويندب لداخل الخلاء أن يقدم يساره، ويمينه لانصرافه، بعكس المسجد. وينحي ما عليه معظم، من قرآن واسم نبي أو ملك، ولو مشتركا كعزيز وأحمد إن قصد به معظم. ويسكت حال خروج خارج ولو عن غير ذكر وفي غير حال الخروج عن ذكر. ويبعد ويستتر. وأن لا يقضي حاجته في ماء مباح راكد ما لم يستبحر. ومتحدث غير مملوك لاحد، وطريق. وقيل: يحرم التغوط فيها. وتحت مثمر بملكه، أو مملوك علم رضا مالكه، وإلا حرم. ولا يستقبل عين القبلة ولا يستدبرها، ويحرمان في غير المعد وحيث لا ساتر. فلو استقبلها بصدره وحول فرجه عنها ثم بال، لم يضر، بخلاف عكسه. ولا يستاك ولا يبزق في بوله. وأن يقول عند دخوله: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث. والخروج: غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الاذى وعافاني. وبعد الاستنجاء: اللهم طهر قلبي من النفاق وحصن فرجي من الفواحش. قال البغوي: لو شك بعد الاستنجاء هل غسل ذكره لم تلزمه إعادته. (ثالثها): (أي شروط الصلاة) (ستر رجل) ولو صبيا، (وأمة) ولو مكاتبة وأم ولد. (ما بين سرة وركبة) لهما، ولو خاليا في ظلمة. للخبر الصحيح: لا يقبل الله صلاة حائض - أي بالغ - إلا بخمار. ويجب ستر جزء منهما ليتحقق به ستر العورة. (و) ستر (حرة) ولو صغيرة (غير وجه وكفين) ظهرهما وبطنهما إلى الكوعين (بما لا يصف لونا) أي لون البشرة في مجلس التخاطب. كذا ضبطه بذلك أحمد بن موسى بن عجيل. ويكفي ما يحكي لحجم الاعضاء، لكنه خلاف الاولى، ويجب الستر من الاعلى والجوانب لا من الاسفل (إن قدر) أي كل من الرجل والحرة والامة. (عليه) أي الستر. أما العاجز عما يستر العورة فيصلي وجوبا عاريا بلا إعادة، ولو مع وجود ساتر متنجس تعذر غسله، لا من أمكنه تطهيره، وإن خرج الوقت، ولو قدر على ساتر بعض العورة لزمه الستر بما وجد، وقدم السوأتين فالقبل فالدبر، ولا يصلي عاريا مع وجود حرير بل لابسا له، لانه يباح للحاجة. ويلزم التطيين لو عدم الثوب أو نحوه. ويجوز لمكتس اقتداء بعار، وليس للعاري غصب الثوب. ويسن للمصلي أن يلبس أحسن ثيابه ويرتدي ويتعمم ويتقمص ويتطيلس، ولو كان عنده ثوبان فقط لبس أحدهما وارتدى بالآخر إن كان ثم سترة، وإلا جعله مصلى.
كما أفتى به شيخنا.
(فرع) يجب هذا الستر خارج الصلاة أيضا، ولو بثوب نجس أو حرير لم يجد غيره، حتى في الخلوة، لكن الواجب فيها ستر سوأتي الرجل، وما بين سرة وركبة غيره. ويجوز كشفها في الخلوة، ولو من المسجد، لادنى غرض كتبريد وصيانة ثوب من الدنس، والغبار عند كنس البيت، وكغسل. (ورابعها: معرفة دخول وقت) يقينا أو ظنا. فمن صلى بدونها لم تصح صلاته وإن وقعت في الوقت، لان الاعتبار في العبادات بما في ظن المكلف، وبما في نفس الامر، وفي العقود بما في نفس الامر فقط. (فوقت ظهر من زوال) الشمس (إلى مصير ظل كل شئ مثله، غير ظل استواء) أي الظل الموجود عنده، إن وجد. وسميت بذلك لانها أول صلاة ظهرت. (ف) - وقت (عصر) من آخر وقت الظهر (إلى غروب) جميع قرص شمس، (ف) - وقت (مغرب) من الغروب (إلى مغيب الشفق الاحمر، ف) - وقت (عشاء) من مغيب الشفق.
قال شيخنا: وينبغي ندب تأخيرها لزوال الاصفر والابيض، خروجا من خلاف من أوجب ذلك. ويمتد (إلى طلوع (فجر) صادق، (ف) - وقت (صبح) من طلوع الفجر الصادق لا الكاذب (إلى طلوع) بعض (الشمس)، والعصر هي الصلاة الوسطى، لصحة الحديث به. فهي أفضل الصلوات، ويليها الصبح، ثم العشاء، ثم الظهر، ثم المغرب، كما استظهره شيخنا من الادلة. وإنما فضلوا جماعة الصبح والعشاء لانها فيهما أشق. قال الرافعي: كانت الصبح صلاة آدم، والظهر صلاة داود، والعصر صلاة سليمان، والمغرب صلاة يعقوب، والعشاء صلاة يونس، عليهم الصلاة والسلام. انتهى. واعلم أن الصلاة تجب بأول الوقت وجوبا موسعا، فله التأخير عن أوله إلى وقت يسعها بشرط أن يعزم على فعلها فيه، ولو أدرك في الوقت ركعة لا دونها فالكل أداء وإلا فقضاء. ويأثم بإخراج بعضها عن الوقت وإن أدرك ركعة. نعم، لو شرع في غير الجمعة وقد بقي ما يسعها جاز له - بلا كراهة - أن يطولها بالقراءة أو الذكر حتى يخرج الوقت، وإن لم يوقع منها ركعة فيه - على المعتمد - فإن لم يبق من الوقت ما يسعها، أو كانت جمعة، لم يجز المد، ولا يسن الاقتصار على أركان الصلاة لادراك كلها في الوقت.
(فرع) يندب تعجيل صلاة - ولو عشاء - لاول وقتها، لخبر: أفضل الاعمال الصلاة لاول وقتها. وتأخيرها عن أوله لتيقن جماعة أثناءه، وإن فحش التأخير ما لم يضق الوقت، ولظنها إذا لم يفحش عرفا، لا لشك فيها مطلقا. والجماعة القليلة أول الوقت أفضل من الكثيرة آخره. ويؤخر المحرم صلاة العشاء - وجوبا - لاجل خوف فوات حج بفوت الوقوف بعرفة لو صلاها متمكنا، لان قضاءه صعب. والصلاة تؤخر لانها أسهل من مشقته، ولا يصليها صلاة شدة الخوف. ويؤخر أيضا - وجوبا - من رأى نحو غريق أو أسير لو أنقذه خرج الوقت.
(فرع) يكره النوم بعد دخول وقت الصلاة وقبل فعلها، حيث ظن الاستيقاظ قبل ضيقه، لعادة أو لايقاظ غيره له، وإلا حرم النوم الذي لم يغلب في الوقت.
(فرع) يكره تحريما صلاة لا سبب لها، كالنفل المطلق ومنه صلاة التسابيح، أو لها سبب متأخر كركعتي استخارة وإحرام بعد أداء صبح حتى ترتفع الشمس كرمح، وعصر حتى تغرب، وعند استواء غير يوم الجمعة. لا ما له سبب متقدم كركعتي وضوء وطواف وتحية وكسوف، وصلاة جنازة ولو على غائب، وإعادة مع جماعة ولو إماما، وكفائتة فرض أو نفل لم يقصد تأخيرها للوقت المكروه ليقضيها فيه أو يداوم عليه. فلو تحرى إيقاع صلاة غير صاحبة الوقت في الوقت المكروه من حيث كونه مكروها فتحرم مطلقا ولا تنعقد، ولو فائتة يجب قضاؤها فورا لانه معاند للشرع.
(وخامسها: استقبال) عين (القبلة) أي الكعبة، بالصدر. فلا يكفي استقبال جهتها، خلافا لابي حنيفة رحمه الله تعالى، (إلا في) حق العاجز عنه، وفي صلاة (شدة خوف) ولو فرضا، فيصلي كيف أمكنه ماشيا وراكبا مستقبلا أو مستدبرا، كهارب من حريق وسيل وسبع وحية، ومن دائن عند إعسار، وخوف حبس. (و) لا في (نفل سفر مباح) لقاصد محل معين، فيجوز النفل راكبا وماشيا فيه ولو قصيرا. نعم، يشترط أن يكون مقصده على مسافة لا يسمع النداء من بلده، بشروطه المقررة في الجمعة. وخرج بالمباح سفر المعصية فلا يجوز ترك القبلة في النفل لابق، ومسافر عليه دين حال قادر عليه من غير إذن دائنه. (و) يجب (على ماش إتمام ركوع وسجود) لسهولة ذلك عليه، وعلى راكب إيماء بهما. (واستقبال فيهما وفي تحرم) وجلوس بين السجدتين، فلا يمشي إلا في القيام والاعتدال والتشهد والسلام، ويحرم انحرافه عن استقبال صوب مقصده عامدا عالما مختارا إلا إلى القبلة. ويشترط ترك فعل كثير - كعدو وتحريك رجل بلا حاجة - وترك تعمد وطئ نجس - ولو يابسا - وإن عم الطريق، ولا يضر وطئ يابس خطأ، ولا يكلف ماش التحفظ عنه. ويجب الاستقبال في النفل لراكب سفينة غير ملاح. واعلم أيضا أنه يشترط في صحة الصلاة العلم بفرضية الصلاة. فلو جهل فرضية أصل الصلاة، أو صلاته التي شرع فيها، لم تصح، كما في المجموع والروضة. وتمييز فروضها من سننها. نعم، إن اعتقد العامي، أو العالم على الاوجه، الكل فرضا صحت، أو سنة فلا. والعلم بكيفيتها الآتي بيانها قريبا إن شاء الله تعالى.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar